سماح إدريس (1961 – 2021) كان كاتبًا وناقدًا ومثقفًا ومترجمًا لبنانيًا، اشتهر برئاسة تحرير مجلة “الآداب” وبدعمه القوي للقضية الفلسطينية والنضال ضد الصهيونية، والطائفية، وبتجديد الفكر القومي العربي.
وُلد سماح إدريس في بيروت عام 1961 لوالدين مثقفين، والدته الكاتبة والمترجمة اللبنانية الراحلة عايدة مطرجي، ووالده الروائي والمفكر الراحل سهيل إدريس. نال الماجستير والبكالوريوس في الأدب العربي والاقتصاد من الجامعة الأمريكية في بيروت ثم حصل على شهادة الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط من جامعة كولومبيا في نيويورك عام 1991. تولى إدريس رئاسة تحرير مجلة “الآداب” من عام 1992 حتى 2012، وتحولت المجلة إلى إصدار إلكتروني في 2015. كان رئيسًا لنادي الساحة الثقافي بين عامي 2000 و2004، وعضوًا مؤسسًا في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» منذ عام 2002 حتى وفاته. كتب إدريس عشرات المقالات في السياسة والأدب وأدب الأطفال، وترجم العديد من المقالات والكتب.
كان إدريس ناشطًا بارزًا ضد الصهيونية، وكرّس جزءًا كبيرًا من نشاطه لدعم القضية الفلسطينية، داعيًا إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومقاطعة الأنشطة الأكاديمية والثقافية الداعمة للاحتلال، مجتهدا في فضح تواطؤ عشرات الشركات العالمية مع الاحتلال الاسرائيلي. وقد تعرض بسبب نشاطاته في حملة المقاطعة لحملات منظمة هدفها النيل من شخصه، كما رفعت ضده دعاوى قضائية أبرزها تلك التي رفعها رجل الأعمال جهاد المر.
توفي سماح إدريس في بيروت في 25 ت2 /نوفمبر 2021 بعد صراع مع مرض السرطان، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا ونضاليًا مهمًا، وكان أبرز ما صرح به قبيل وفاته، بمثابة وصيته الأخيرة: “إذا تخلّينا عن فلسطين تخلّينا عن أنفسِنا”.
كان سماح إدريس حاضرا دائما، كما هو الآن، ببسمته الخفية، رصينا، حليما، سديد الرأي، طالبا للنقد والمشورة، مساويا نفسه بأحدث أعضاء الحملة عهدا بنشاطاتها. وحتى في أيام مرضه الأصعب، كان حريصا على متابعة نشاطات الحملة، في الوقت القليل المستقطع الذي يسمح به المرض. كان في نقاش حملة المقاطعة في أي مسألة شائكة، يحسن الإصغاء والنقاش، يوضح وجهة نظره، وينزل عند رأي الأكثرية. مئات البيانات والمقالات التي نشرت باسم حملة المقاطعة حررها سماح إدريس، وما من مسألة في شؤون المقاطعة وفلسطين إلا ولها سماح، فالكل يحتكم إليه، ويطمئن إلى ما يقول.
في الأشهر الثقيلة بعد وفاة سماح إدريس، مرت حملتنا بفترة عصيبة، وأصابها بعض مما يصيب الأحزاب والنقابات في لبنان من أمراض. ولكن، ولأننا رفاق سماح إدريس النهج، ولأنه كان رفيقا حقيقيا لا زعيما، فإن الحملة أثبتت أنها اجتازت الامتحان الأصعب. من رفاق “ما بعد العمر” يا سماح، من الحملة التي حملتَ في عقلك وقلبك ووجدانك، من الشجرة الزكية، والأقلام الوفية، وأرضنا النّبيّة، لك يا حبيبنا ألف ألف تحية.