حملة المقاطعة عن عرض الفنانة Silvia Gribauldi  في مسرح المدينة

0

في الأيّام القليلةِ الماضيةِ، أُثيرت قضيّة العرضِ الرّاقصِ “Grâces” للإيطاليّة Silvia Gribauldi، الذي يعرضُ على خشبَة مسرحِ المدينة مساء 9 تموز 2024. هذا العرضُ من تقديمِ المركزِ الثّقافيّ الإيطاليّ في لبنان وBeirut Physical Lab  بالتّعاون مع Zebra production.  ما أُثيرَ حولَ هذا العرضِ يدورُ حولَ زيارتين سابقتينِ للفنّانة الإيطالية نفسها للكيانِ الإسرائيليّ حيثُ قدّمت عروضًا راقصةً، بالإضافةِ إلى ورش عملٍ للمحترفين عامَي 2022 و2023.

قبل إبداءِ خلاصةِ رأيِ حملتِنا في هذه القضيّة، يهمّنا أن نذكّر باستراتيجية حملتِنا للمقاطعةِ الفنيّة، ومعاييرِها التي تنطلقُ منها في حالاتٍ مماثلة.

تعتمدُ حملتُنا خطّة عملٍ شبيهةٍ بتلك التي تعتمدُها حركةُ المقاطعةِ العالميّة BDS، التي تهدفُ إلى ثنيِ كلّ فنّانٍ عالميٍّ عن زيارةِ الكيان ِالإسرائيليّ لتقديمِ عروضٍ فيه. تبدأُ الخطّةُ بإرسالِ رسالةٍ للفناّنِ المعنيّ تشرحُ فيها استغلالَ الكيانِ الإسرائيليّ هذه العروض لتلميعِ صورتِه، وتعدّدُ الرسالةُ خروقاتِ الاحتلال لحقوق الفلسطينّيين، وضربِها عرضَ الحائطِ كثيرًا من المواثيقِ، والقوانينِ، والأعرافِ الدّوليّة، والإنسانيّة. تهدف الخطوةُ الأولى للإقناعِ وإعطاء الفنّان فرصةً لمراجعةِ نفسه انطلاقًا من الحقائقِ الماثلةِ في الرّسالة، وقد أثبتَت التّجاربُ نجاعَة هذه الخطوةِ في أكثرِ من حالة. وأمّا في حالِ إهمالِ الفنّانِ رسالتَنا و/أو رسالة الBDS، أو لجوئِه إلى أسلوبِ الضّحيّة وإثارةِ الجدَل حولَ تعرّضه للتّهديد، أو في حالِ التّعبيرِ عن إصرارهِ على تكرارِ زياراتِه رغمَ كلِّ الحججِ الواردةِ في الرّسالةِ، فإنّنا ندعو لمقاطعةِ عروضِ هذا الفنانّ اللّاحقةِ في لبنان، ونحشدُ كلّ الحججِ القانونيّة – إن وجدَت-  والوسائِل الإعلاميّة والضّغوطِ الشّعبيّة لمنعِ العرضِ، أو بالحدّ الأدنى إقناعِ النّاس بالامتناعِ عن حضوره.

وأمّا في حالِ النجاحِ في رصدِ وتوثيقِ تصريحاتٍ مؤيّدة للاحتلال لأيّ فنّانٍ يزورُ الكيانَ الإسرائيليّ، أو في حالِ ترويجِه للكيانِ بأيّ شكلٍ من الأشكالِ، أو إجراءِ لقاءاتٍ مع شخصيّاتٍ إسرائيليّةٍ رسميّةٍ مثلِ السّياسيّين أو رجالِ الشّرطةِ على سبيل المثال، أو قبولِ تمويلٍ إسرائيليّ رسميٍّ مباشرٍ لإنتاجِ العرضِ الفنّي، فإنّ أيّ زيارةٍ يقومُ بها الفنّانُ المعنيُّ إلى لبنان تقابَل مباشرةً بالدعوةِ للمنعِ والمقاطعةِ دونَ إرسالِ أيّة رسالةٍ له، مع ما يتطلّبهُ هذا من خوضِ “معركةٍ” على أكثر من صعيد. وكذلك الأمرُ في حالِ كانَ الفنّانُ ينوي السّفرَ إلى لبنان مباشرةً من الكيانِ الإسرائيليّ، أو يغادرُ لبنان مباشرةً إليه.

كلّ ما سبقَ ذكرُه يستهدفُ الفنّانين العالميّين من غيرِ اللّبنانيّين وسائرِ الفنّانين العرب. أما هؤلاء، ودون اعتبار لحملهم جنسيّاتٍ أخرى، فنطالبهُم بالمقاطعةِ الفنيّة القاطعة للكيانِ الإسرائيلي، انطلاقًا من معرفتِهم الأكيدة بطبيعةِ الكيانِ العدوانيّة وجرائِمه، وأُسوةً بكثيرٍ من الفنّانين العالمييّن الّذين أعلنوا رفضَهم تلميعَ صورةِ الاحتلال الإسرائيليّ.

وبالعودةِ إلى القضيّة موضوعِ الحدَثِ، فبعدَ البحثِ والتّدقيق، لم يتبيّن لنا أنّ حركةَ المقاطعةِ BDS  أرسلَت رسالةً للفنّانةِ الإيطاليّة لإقناعِها بالعدولِ عن تقديمِ عرضٍ في الكيانِ الإسرائيليّ، وكذلَك فاتَنا في حملتِنا رصدُ هذه العروضِ في الكيانِ فلم نرسِل رسالةً للفنّانة، وهذا مردّهُ إلى محدوديّة قدراتِنا وكثرةِ انشغالاتِنا في شؤونِ المقاطعةِ، وفي شؤونِ الحياةِ اليوميّة. وعليهِ، قرّرنا القيامَ بما كانَ يجبُ أن نقومَ به، أي كتابةَ رسالةٍ إلى هذهِ الفنّانةِ، واضحةٍ كلّ الوضوح. وبكل تأكيدٍ، سوف نستكمل هذه الخطوةَ بالخطوةِ التّالية، كما فصّلنا أعلاه، وهي بشكلٍ مقتضبٍ: الدّعوةُ لمقاطعةِ أي عرضٍ قادمٍ للفنّانة في لبنان في حالِ لم تتجاوب مع رسالتِنا.

أمّا عن مسرحِ المدينةِ، ولهُ مواقفُ وطنيّةٌ مشهودة، فنسأل إدارتَه بكلّ صراحةٍ ووضوح: ألَم يصلكم اعتراضُ الكثيرينَ على هذا العرضِ، كما وَصَلنا في حملةِ المقاطعة؟ هل سألتُم الفنّانَة الّتي زارَت الكيانَ مرّتين عن مواقِفها من حربِ الإبادةِ الجاريةِ في غزّة؟ هل أبْدَت رغبتَها بالامتناعِ عن زيارةِ الكيانِ بسببِ ما ارتكبَه ويرتكبُه من جرائم؟ بل هل فكرتُم لحظةً في إلغاءِ العرضِ؟ وما الذي منعكُم من ذلك؟ ثم ألم يكُن واجبًا، ومن باب المسؤولية، أن تتحرَّوا عن الفنّانةِ ونشاطِها قبل استقبالِها؟

واستطرادًا نوجه دعوةً لكلّ الفنّانين والفنّانات وكلّ الهيئاتِ والصّروحِ الفنّيّة والثّقافيّة في لبنان للتثبّتِ المسبقِ من كلّ شخصٍ يدعونَه لتقديمِ عروضٍ لديهم، احترامًا لمعاييرِ المقاطعةِ الفنّيّة والثّقافيّة للكيانِ الإسرائيليّ، وبالأخصّ في هذهِ الأشهرِ الثقيلةِ التي يتعرّض فيها أهلُنا في غزّة والضّفّة الغربيّةِ وسائرِ فلسطين، وكذلّك في لبنان، لحربٍ إسرائيليّة همجيّة لا تبالي بطفلٍ أو عجوزٍ أو فنّان. ومن نافِلِ القول إنّ حملتَنا على استعدادٍ لتقديم ِالمساعدةِ اللازمةِ لأيةِّ جهة تطلبُها.

حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان

بيروت في 9 تموز/يوليو 2024

آخر الأخبار