حلَّ النائب سامي الجميّل، رئيسُ حزب الكتائب الّلبنانية، ضيفًا في حلقةٍ حواريةٍ على محطّة BFMTV الفرنسيّة في السّادس من شهر كانون الثّاني/يناير 2024، مع ضيفيَن آخرَين هما: Jérôme Pellistrandi، مستشار المحطّة للشّؤون الدفاعية، والصّحافيّة الإسرائيليّة Tamar Sebok مستشارة المحطّة للشّؤون الإسرائيليّة، وهي أيضًا مراسلةُ صحيفةِ ” يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة في فرنسا.
كيف يعقلُ أنّ نائباً لبنانيًّا، من أهمّ وظائِفه التّشريع، مجازًا في الحقوق، ويحملُ شهادةً عليا في القانون الدّستوري، أن يخالفَ القانونَ الّلبنانيّ بهذه الصّفاقَة؟
نضع هذا برسم الدّولة اللبنانية بأجهزتِها المعنية، وقضائِها، وسياسيّيها على اختلاف انتماءاتهم، كي يصارَ على الأقلّ إلى اتّخاذ الحدّ الأدنى من الإجراءات لإيقاف هذه المهازل.
وفي التفاصيل، فإن محطة BFMTV تابعةٌ لAltice Media التي يملكُها الملياردير الإسرائيليّ/الفرنسيّ باتريك دراحي Patrick Drahi، المغربيّ الأصل، المستثمرُ في الكيانِ الإسرائيلي، والداعم لجيشه. ليس غريبًا إذن أن تكون هذه المحطّة منحازةً للرواية الإسرائيليّة، والجيشِ الإسرائيليّ، إلى الحدّ الذي دفعَ بجمعيّة الصحافيّين في فرنسا SDJ إلى توجيه تنبيه لها بسببِ سياستها التّحريريّة وانحيازِها في تغطيةِ أحداثِ غزّة الأخيرة. بل المُدانُ أن يقبلَ أصلاً نائبٌ لبنانيٌّ ورئيسُ حزبٍ، أن يحلَّ ضيفًا عليها، ويزايدَ على خطّها التّحريريّ المنحاز.
النائب سامي الجميّل قال كلَّ ما تتمنّى المحطةُ سماعَه من لبنانيّ، فبدا كأنّه زميل للصحافيّة الإسرائيليّة في “يديعوت أحرونوت”، رغم أن كثيرًا من الصّحافيّين الإسرائيلييّن كانوا ليكونوا أقلّ انحيازًا. قدّم الجميّل نفسه أولًا وأخيرًا خصمًا لدودًا لحزب الله، لا يرى فيه ذرّةً من اللبنانيّة، حتى في الظّروف الميدانيّة الراهِنة، متبنيًّا كلّ السرديّة الغربيّة عن تبعيّة الحزبِ لإيران، وأخذهِ لبنانَ واللبنانيين رهائن، ودون أن يجرؤَ على إدانةِ الكيانِ الإسرائيليّ، أو الحكومة المتطرفة، لا في الاعتداءات على لبنان، ولا على المجازر في غزّة. وحين أرادَ أن يظهرَ بمظهر الحريص على مصلحة لبنان، طالب بأن لا يكون ثمنُ السّلام والأمنِ للكيانِ الإسرائيليّ، تركُ لبنانَ فريسةً لحزب الله. ولم ينسَ أن يكون “موضوعيًّا”، على طريقة كثيرٍ من المنافقين في الغرب، بإبداء الاستياء من الجرائم التي يرتكبها الطرفان. وحين تحدّث عن السّلام، زعمَ بأن لا مفاوضينَ في الجانب الفلسطينيّ، وكأنّ الجانب الإسرائيليّ يلهث وراء السّلام. وحسنًا فعل الجميّل بأن لم يمدح انفتاح الحكومة الإسرائيليّة، وحمائمَ السّلام فيها، مثل نتنياهو، وبن غفير، وسموتريتش. وبالطبع لم ينسَ الجميّل التذكير بالقيم الفرنسيّة التي تربى عليها في المدارس الفرنسيّة في لبنان.
Bravo سامي، أديت الدور بأمانة.