كلمة سماح إدريس في الاعتصام الذي أقامته الحملةُ الدوليّة لإطلاق سراح جورج عبد الله

0

كلمة سماح إدريس، باسم حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل”، في الاعتصام الذي أقامته الحملةُ الدوليّة لإطلاق سراح جورج عبد الله، أمام السفارة الفرنسيّة في بيروت، مع بداية العام الثاني والثلاثين لاعتقاله.

ماذا فعل السفير الفرنسيّ إيمانويل بونّ عند وزير الاتصالات الشيخ بطرس حرب قبل أربعة أيّام من اعتصامنا هذا؟ يزعم بونّ أنّ اللقاء كان في إطار “التشاور مع قطب سياسيّ مهمّ”، ولكنْ سرعانَ ما يتبيّن لنا أنّ أهميّة الشيخ بطرس بالنسبة إلى الدولة الفرنسيّة تكاد تنحصر في ملفٍّ واحد، هو ملفُّ شركة “أورانج” للاتصالات.
سعادةُ السفير، إذن، منزعجٌ ممّا أسماه “تعليقاتٍ سلبيّةً وأحيانًا عدائيّةً” ضدّ الشركة، ومن مجموعة من “الافتراءاتِ والمزاعمِ والأكاذيب” التي يريد أن “ينفيَها” و”يكذّبَها”.(1) ويبدو أنّه منزعجٌ تحديدًا من الحملة الإعلاميّة التي شُنّت في لبنانَ قبل أسابيع، وطاولتْ علاقة “أورانج” بالكيانِ الصهيونيّ، وأفلحتْ في أن تتصدّرَ الصفحةَ الأولى من جريدة “السفير”(2) والأخبارَ الأولى من نشرتيْ محطّتيْن تلفزيونيّتيْن بارزتيْن (“الجديد” و”أو تي في”).(3) الحملة الإعلاميّة، التي شكّلتْ “حملةُ مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان” رأسَ حربتها، كشفتْ أنّ شركة أورانج، التي تملك الدولةُ الفرنسيّةُ 25% من أسهمها،(4) دعمت الجيشَ الإسرائيليّ في حربِه على غزّة سنة 2014، و”تبنّت” وحدتيْن عسكريّتيْن إسرائيليّتيْن: “إيزوز” (التي شاركتْ في العدوان على غزّة سنة 2014) و”شاشار”.(5) علاوةً على ذلك، فإنّ “بارتنر”، شريكَ “أورانج” الإسرائيليَّ منذ العام 1998، نصب أكثر من 208 آنتينات وشيّد بنًى تحتيّةً داخل مستوطناتٍ أقيمتْ على أراضٍ مسروقةٍ في الضفّة الغربيّة ومرتفعات الجولان، بما يتناقض و”القانونَ الدوليّ” نفسِه.(6)
كلّ هذه الارتكابات الموثّقة دفعتْ خمسَ منظماتٍ غيرِ حكوميّة ونقابتيْن في فرنسا، فضلًا عن حركة BDS، وحملاتٍ لمقاطعة “إسرائيل” في مصر، إلى مطالبة أورانج بفكّ ارتباطها ببارتنر. ونتيجةً لذلك أعلن الرئيسُ التنفيذيُّ لأورانج، ستيفان ريشار، من القاهرة، في 4 حزيران الماضي، “نيّتَه” قطعَ علاقاتِ أورانج ببارتنر “منذ صباح الغد”.(7) وقال للغارديان: “أعْلمُ أنّ هذه المسألة حسّاسةٌ هنا في مصر، ولكنْ ليس في مصرَ وحدَها…ونحن نريد أن نكون شركاءَ موثوقين لكلّ البلدان العربية.”(8)
ولكنْ ما إنْ أطلق ريشار تصريحَه حتى اشتعل رئيسُ بارتنر الإسرائيليّ غضبًا، ومثلَه فعل أنصارُ اللوبي الصهيونيّ في فرنسا، متّهمين ريشار بالخضوع لضغوط “المجموعات الموالية للفلسطينيين.”(9) بل تعرّض ريشار نفسُه، مع أشخاصٍ “مقرّبينَ إليه،” لمئات رسائل “التهديد بالقتل،” بحسب بيانٍ للشرطة الفرنسيّة. كما بعثتْ نائبُ وزير الخارجيّة الإسرائيليّة رسالةً إلى ريشار، تحثّه فيها على توضيح موقفه بسرعة وألّا يكونَ جزءًا من “صناعة الأكاذيب التي تستهدف إسرائيلَ بشكلٍ ظالم.” وطالب السفيرُ الإسرائيليُّ في فرنسا الدولة الفرنسيّةَ بأن تقدّم “تفسيراتٍ” لتصريحات ريشار.(10) وهنا نصل إلى بيت القصيد، الذي يتصل بالسياسة الفرنسيّة الرسميّة إزاء كلّ ما يتعلّق بالكيان الصهيونيّ، بما في ذلك مواصلةُ احتجاز الرفيق جورج في السجون الفرنسيّة.
ففي خضمّ العاصفة التي أثارها تصريحُ ريشار في القاهرة، تدخّل رئيسُ الديبلوماسيّة الفرنسيّة لوران فابيوس معلنًا أنّ فرنسا “تعارض بحزمٍ مقاطعةَ إسرائيل.”(11) وهذا الضغطُ الرسميُّ الفرنسيّ، الذي جاء كما بيّنّا نتيجةً للابتزاز الصهيونيّ الرسميّ وغيرِ الرسميّ، دفع بريشار إلى الاعتذار علنًا؛ بل سافر إلى فلسطينَ المحتلة للقاء نتنياهو وللتأكيدِ “بوضوحٍ ومن دون لبْسْ إنّ أورانج لن تشاركَ في أيّة مقاطعةٍ لإسرائيل…”(12)
***
أيها الحضور الكريم،
ما وجهُ الشبه بين قضيّة أورانج وقضيّةِ جورج عبد الله؟
إنّه الابتزاز الصهيونيّ المذكور. فمع أنّ الإفراج عن جورج مسألة محسومة قانونيًّا منذ أعوام، فإنّ الابتزازَ الصهيونيّ (ويجب أن نضيفَ الأميركيّ) هو من الأسباب الرئيسة التي دفعت الحكومةَ الفرنسيّة الى إبقائه سجينًا. وفي رأينا أنّ فرنسا لن تتراجع عن سياستها العدوانيّة تجاه قضايانا القوميّة عامّةً، وتجاه قضيّة الإفراج عن جورج بشكلٍ خاصّ، إلّا بالضغط الاقتصاديّ عليها، وتحديدًا بمقاطعةِ ما استطعنا من منتوجات شركاتها التي تستثمر في الكيان الصهيونيّ أو تبني على أراضٍ مسروقةٍ من الشعبيْن الفلسطينيّ والسوريّ. هذه المقاطعة التي ندعو إليها لا تستهدف “الشعبَ الفرنسيّ” بالتأكيد، ولا “الفنّ الفرنسيّ” ولا “الثقافةَ الفرنسيّة” طبعًا، بل تنحصر في الشركات الفرنسيّة التي تدعم الكيانَ الغاصبَ وفق المعايير التي حدّدتْها حملاتُ المقاطعة في العالم، وعلى رأسها حملتُنا في لبنان. ومن ثم فإنّ هذه الشركات تشمل، إضافةً إلى أورانج، الشركاتِ الآتية:
1) دانون، التي وقّعتْ عدّةَ اتفاقاتٍ مع “ستراوس دايريز” الإسرائيليّة، وتملّكتْ بموجبها 30% من أسهم هذه الأخيرة.(13)
2) لوريال، التي يموّلُ فرعُها الإسرائيليُّ عددًا كبيرًا من النشاطات الإسرائيليّة، ويوظّفُ أكثرَ من 1000 عاملٍ إسرائيليّ في ثلاثةِ مراكزَ داخل مجدال هعيمق ونتانيا وقيساريّة.(14)
3) يوبليه، التي تعاقدتْ مع أكبر شركة غذائيّة إسرائيليّة، تنوفا.(15)
***
أيها الحضور،
إنّ المستعمِرين لن يتراجعوا عن ظلمهم إلّا بالضغط عليهم، في أيّة طريقةٍ متاحة. ونحن أقوياءُ وفعّالون أكثرَ بكثيرٍ ممّا يظنّ بعضُنا لأنّ سلاحَ المقاطعة في أيدينا، ولن يستطيعَ أحدٌ أن ينتزعَه منّا مهما امتلك من جبروت. فهُبّوا إلى الضغط على كلِّ مَن ينتزع الحرية منّا ومن مناضلينا، وعلى رأسهم رفيقُنا القائد جورج عبد الله. انّ المقاطعة هي اليوم أحدُ أمضى أسلحتنا في وجه الصهاينة وداعميهم.

بيروت- 24/10/2015

1. http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/186030/
2. http://assafir.com/Article/1/448252
3. http://www.boycottcampaign.com/ 
4. http://www.huffingtonpost.fr/
5. http://bdsfrance.org/index.php
6. http://www.whoprofits.org/com
7. http://www.huffingtonpost.fr/
8. http://www.timesofisrael.com/
9. Opcit
10. Ibid
11. http://www.timesofisrael.com/
12. http://www.theguardian.com/

آخر الأخبار