كلمة سماح إدريس باسم حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان في اللقاء الاحتجاجي في مسرح المدينة على لقاء أمين معلوف
كلمة سماح إدريس باسم حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان في اللقاء الاحتجاجي في مسرح المدينة على لقاء أمين معلوف بالمحطّة الإسرائيلية i24 في 2/6/2016.
الأخوات والإخوة الأعزّاء
ارتأينا أن نتقدم إليكم هذا المساء بما يتعدّى “قضيّة” أمين معلوف، لأنّ ظاهرة التطبيع لم تبدأ معه ونخشى أن تستمرّ بعده، وخصوصًا لدى الطامحين إلى الجوائز العالميّة. هنا بعض المقاطع من وثيقتنا النظرية، وهي تختص بموضوع “التطبيع الثقافي”.
1) ما هو تعريف حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان لـ “التطبيع”؟
في نوفمبر 2007، أقرّ ممثّلو الأحزاب والنقابات والهيئات الشعبيّة في فلسطين وثيقةً تطرح الحدودَ الدنيا في تعريف التطبيع، وذلك بحكْم ظروف الاحتلال والشتات التي يرزح تحتها الشعبُ الفلسطينيّ، وبحكم حرصِ حركة المقاطعة الفلسطينيّة على حشدِ أكبرِ قسمٍ من الرأي العامّ الدوليّ خلفها. فاقتصرتْ معاييرُها على كلّ ما يضربُ “الحقوقَ الفلسطينيّة غيرَ القابلة للتصرّف” بموجب القانون الدوليّ، وتحديدًا: “الحقّ في تقرير المصير، بما فيه حقُّ اللاجئين في العودةِ والتعويضِ طبقًا لقرار الأمم المتّحدة رقم 194، وكافّة القرارات المتعلّقة بعروبة القدس وبعدم شرعيّة الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهجير السكّان بالقوة…”
غير أنّ هذه المعايير لا تتماشى تمامًا مع المعايير التي ترى حملتُنا أنّه يجب أن يتبنّاها المقاومون والمقاطعون العرب، ولاسيّما في لبنان الذي لا يعترف بـ “إسرائيل” وطردَها من معظم أراضيه وألغى اتفاقَ 17 أيّار معها. ومن هنا فإنّنا لا نكتفي بمطالبة الكيان الغاصب بتطبيق القانون الدوليّ (الذي لا ينصّ على تحرير كامل فلسطين)؛ ولا نقتدي بمعايير حملة بي. دي. أس (الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل) التي تطلب إلى المتضامنين الدوليّين حصرَ مقاطعة إسرائيل “بالمؤسّسات الإسرائيليّة” المتواطئة مع نظام الاضطهاد الاستعماريّ الإسرائيليّ…
في رأينا أنّ مسؤوليّة الاحتلال لا تقع على المؤسّسات الإسرائيليّة وحدها؛ ذلك لأنّ أفرادًا يهودًا إسرائيليين، وبمساعدة وكالاتٍ ومؤسّساتٍ صهيونيّة، هم الذين يحتلّون أراضي الفلسطينيين أو منازلَهم. لذا تقترح حملتُنا أن نتبنّى التعريفَ الآتي للتطبيع:
إنّه المشاركة في أيّ نشاطٍ يَجمع بين عربٍ وإسرائيليين ما دامت “إسرائيلُ” قائمةً. وينطبق هذا على كلّ أشكال “التعاون” العلميّ أو المهنيّ أو الفنّيّ أو النسويّ أو الشبابيّ. كما ينطبق على إجراء المقابلات مع وسائل إعلام العدوّ أيًّا كانت لأنّها جزءٌ من آليّة اغتصاب فلسطين. وينطبق أيضًا على النشر في دُور نشرٍ ومواقعَ إلكترونيّةٍ إسرائيليّة. ولا يُستثنى من ذلك أيُّ منبرٍ إسرائيليّ لأنّه، شئنا أمْ أبيْنا، يستفيد من احتلال فلسطين؛ كما لا يُستثنى منه أيُّ فردٍ إسرائيليّ ما لم يتخلّ عن جنسيّته الإسرائيليّة ويعلنْ رفضَه لشرعيّة دولة “إسرائيل.” غير أنّه يُستثنى من ذلك فلسطينيّو مناطق العام 1948، ما لم يروّجْ بعضُهم للتطبيع مع العدوّ.
**
2) هل نقاطع الإنتاجَ الروائيّ والشعريّ والسياسيّ والفكريّ والسينمائيّ الإسرائيليّ؟
بالطبع لا. “اعرفْ عدوَّكَ ومجتمعَ عدوِّكَ” مبدأٌ رئيسٌ لنجاح المقاطعة والمقاومة. لكنْ هناك شرطٌ أساسٌ لنجاح هذه المعرفة من دون إلحاق الضرر بالمقاطعة: ألّا يتمّ التعاملُ التجاريّ والاقتصاديّ والشخصيّ المباشر مع المنتجين الإسرائيليين. هنا ستكون أفضل وسيلةٍ لمعرفة هذه الأعمال من دون إفادة منتجيها هي قراءتها على الإنترنت أو تحميلُها إلكترونيًّا.
**
3) هل نقاطع الحوارَ مع وسائل الإعلام الإسرائيليّة؟
نعم. إنّ مخاطبة العدوّ “في عقر داره” بهدف “اختراق وعيه” أسلوبٌ أثبتَ بطلانَه. أولًا، المواطن الإسرائيليّ لا يجهل ما تقترفه دولتُه أمام عينيه منذ 7 عقود. ثانيًا، غالبيّةُ هذه الوسائل تنتمي إلى التيّار الصهيونيّ السائد (علمًا أننا لا نميّز بين يميني محتل و”يساري” محتلّ). ثالثًا، “الاجتهادَ” الشخصيّ، لهذا المثقف العربيّ أو ذاك، قد يؤثّر سلبًا في حركة المقاطعة العالميّة المتنامية؛ بل قد يتحوّل اختراقُه (المفترَضُ) لوعي العدوّ إلى اختراقٍ (فعليٍّ) للحركة العالميّة. رابعًا، إنّ مجرّدَ التخاطب مع وسائل الإعلام الإسرائيليّة خدمةٌ كبيرةٌ لدولة الاحتلال لأنّه يعزّز الكذبةَ التي تروّجها عن نفسها في وصفها دولةً ديمقراطيّةً.
**
4) هل نمتنع عن إصدار أعمالنا الأدبيّة العربيّة عن دُور نشرٍ إسرائيليّة؟
نعم. تقول حانه عميت كوخابي إنّ الكتب العربيّة المترجمة إلى العبريّة والصادرة عن دُور نشرٍ إسرائيليّة لا تُعرضُ في مكانٍ بارزٍ داخل المكتبات الإسرائيليّة أصلًا. وتردُّ ذلك إلى أنّ الأدبَ العربيّ لا يُعتبر في نظر جمهور الإسرائيليين “مصدرَ اهتمامٍ ومتعة،” مضيفةً أنّ “الكثير من الناس يديرون ظهرَهم لمنطقة الشرق الأوسط التي يعيشون بين ظهرانيها؛ [فهم] يتحدّثون الإنجليزيّة الأمريكيّة ولا يعون مدى أهميّة معرفة اللغة التي ينطق بها خُمسُ سكّان الدولة من المواطنين في إسرائيل، وكذلك معظمُ سكّان المنطقة.” وتختم بأنّ “المزاج العامّ في إسرائيل مشبَعٌ بالعنصريّة المناهضة للعرب…”
وعليه فإنّ زعمَ المهرولين العرب أنّهم “يخترقون الوعيَ الإسرائيليّ” من وراء نشر كتبهم في دُور نشر إسرائيلية (وبموافقتهم) لا يصمد أمام حقيقة المجتمع العنصريّ الإسرائيليّ، وقد لا يَخدم إلّا طموحَ بعضهم إلى “الشهرة” العالميّة.
**
هذه بعض القضايا التي أحببنا أن نطرحها في ما يتعدّى خطوة معلوف التطبيعية المشينة، حرصًا على ألّا تصبح الخطوةُ مسلسلًا!