ندوة حوارية في الملتقى الفلسطيني للشطرنج – مخيم شاتيلا في بيروت، بعنوان “أهمية المقاطعة في الصراع مع العدو الصهيوني”، الثلاثاء في 13/2/2018. 
حاضرت فيها: د. رانية المصري ورجاء جعفر.
الكلمة:
مساء الخير،
أتوجه بشكري إلى الملتقى الفلسطيني للشطرنج لاستضافته المتكرّرة لنا.
كما أتوجه بالشكر إلى كلّ الحاضرين، والشكر الأكبر والتحية الكبرى إلى جميع الشهداء، لاسيّما البطل الشهيد أحمد جرّار والشهيد “المثقف المشتبك” باسل الأعرج.
الحضور الكريم،
نحن هنا اليوم لنتكلم على مقاطعة “إسرائيل.”
كلُّنا هنا نُجْمعُ على أنّ “اسرائيل”َ عدوٌّ محتلٌّ تجبُ محاربتُه حتى استردادِ كاملِ الأراضي العربيةِ المحتلة. فكيف السبيلُ إلى ذلك؟
بالتأكيدِ لن يكونَ ذلك إلّا بالمقاومةِ؛، فهي السبيل الأمثل لتحرير الشعوبِ من الاحتلالِ ومن الظلمِ والاضطهاد، وهي السبيلُ لتحريرِ الذات من الخضوعِ والتردد.ِ غير أنّ الاحتلالُ يحتاجُ دوماَ إلى تبريرِ أحقّيةِ وجوده أمامَ الرأيِ العامِّ العالميّ، مستخدمًا الإعلامَ في الدرجة الأولى.
لقد كان للمقاومةِ العسكريةِ الكثيرُ من الإنجازاتِ في لبنانَ وفلسطينَ. لكنّ هذه المقاومة يجبُ أن ترافقها مقاومةٌ إعلاميةٌ واقتصاديةٌ وثقافيةٌ واجتماعيةٌ، وهي أنواعٌ من المقاومة ما زلنا مقصّرين في اعتمادها أو استعمالها.
ومن وسائل مقاومة هذا العدوّ المقاطعةُ على أنواعها. يجبُ أن نُقلقَ العدوَّ بمختلف الوسائلِ، وليس بالوسيلة العسكرية فقط. يجب أن يشعر بأنه محاصَرٌ عسكرياً وثقافياًً واقتصادياً ً وإعلامياً . يجب أن يظلَّ قلِقاًً على يومهِ التالي، لا أن يُقلِقَنا هو ويُدخلَنا في صراعاتٍ داخلية متنوعة ا ويجلسَُ متفرّجاً علينا.
في الأعوامِ الأخيرةِ حققتْ حملاتُ المقاطعة في مختلف أنحاء العالم إنجازاتٍ جعلتِ الكنيست يُصدر قانوناً خاصاً لمواجهتها، ودفعتْ بنتنياهو العام الماضي إلى تحريضِ يهودِ العالمِ على محاربة حركةِ المقاطعة العالمية BDS التي تحاول “نزعَ الشرعية عنّا.” وقد أشار تقريرتصدره وكالةُ الأمم المتحدة للتجارة والتطوير عام 2015 الى أنّ الاستثمارات الأجنبية المباشرة في”إسرائيل” انخفضت 46% عام 2014 مقارنةً بما كانت عليه في العام 2013. ورجّحت الدكتورة روني مانوس من كلية الإدارة الإسرائيلية، وهي من معدّي التقرير، أن تكون المقاطعة سببًا رئيسًا (إلى جانب العدوان على غزة).
رفيقاتي ورفاقي،
نحن في حملةِ مقاطعة داعمي “اسرائيل” في لبنان، التي تأسّستْ أثناء المجزرة التي ارتُكبتْ في مخيّم جنين ربيعَ العام 2002، لدينا مبدآنِ أساسانِ هما: “قاطِعوا ما استطعتم إلى ذلك سبيلًا،” و”قاطعوا الأسوأَ قبل السيّئ”. كما قمنا بوضع معاييرَ تشرح أسبابَ مقاطعة هذه الشركة دون تلك،أبرزُها:
1) بناءُ مصانع و”مراكز بحثٍ وتطوير” في أراضٍ “طُهّرتْ” من الفلسطينيين.
2) شراءُ شركاتٍ إسرائيليّة أو أسهمٍ فيها.
3) تقديمُ دعمٍ ماليٍّ مباشرٍ إلى جمعيّات “خيريّة” وصهيونيّة.
4) الإسهامُ في الحرب الإسرائيليّة المباشرة على شعبنا وأمّتنا.
5) رعايةُ نشاطاتٍ أو معاهدَ فنيّةٍ ورياضيّةٍ وثقافيّةٍ وتربويّةٍ إسرائيليّةٍ.
ثم أعددْنا دليلًا بأبرز هذه الشركات، ورحنا نجدّد هذا الدليلَ سنويًّا، إلى أن أصدرنا تطبيقًا هاتفيًّا بهذه الشركات قبل عام ونصف العام. على أنّنا واجهْنا أشكالًا أخرى تتّخذ من الرياضة أو الدين أو العلم ستارًا للتطبيع مع العدو. فحاربناها بقدر إمكاناتنا.
أيها الحضور الكريم،
نحن اليوم نساهمُ، عن قصدٍ وعن غير قصدٍ،في دعم الاحتلال عن طريق استهلاك منتوجات الشركات الكبرى التي تدعمه، أو من خلال استخدام خدماتها، أو من خلال حضور حفلات لفنانينَ يبيّضون صورة العدوّ عبر إقامة عروض في فلسطينَ المحتلةِ أو من خلال دعمهم المادي له أو تصريحاتهِمُ المادحةِ له.
كم واحدًا منّا يعلم أن شركةِ نستله (من منتوجاتها: ماجي، نسكافيه، نيدو، نسكويك، سيريلاك، كيت كات، مياه نستله،…) تملك مصنعًا في سيديروت، التي أقيمتْ على أراضي بلدة النجد الفلسطينيّة، التي طُرد سكّانُها قُبيْل إنشاء دولة “إسرائيل”.
وكم واحدًا منا يعلم أنّ كوكا كولا-إسرائيل تبرّعتْ بمبلغِ يفوقُ ثلاثةَ عشرَ مليونَ دولارٍ لمجموعة إيم تيرتزو اليمينية المتطرفة الإسرائيلية في عام2015 ، وأنّ الشركة الأم لكوكا كولا في أتلانتا (الولايات المتّحدة) هي أحدُ الرعاةِ الخيريينَ لفرعِ “الاتحادِ اليهوديِ الموحَّدِ في أتلانتا الكبرى” الذي يَدْعم الجاليةَ اليهوديّةَ في الكيانِ الصهيونيّ عبر “إعادة توطين اللاجئين”؟
كم واحدًا منا يعلم أن إحدى جرّافات كاتربيلر، التي نراها في كثير من ورش البناء في لبنان، قُتلت المناضلة الأميركية رايتشل كوري في رفح وجرفتْ مخيّمَ جنين؟
البعض قد يقول: “ومن نحن كي ندفعُ تلك الشركات إلى تغيير سياساتِها تجاه “اسرائيل”؟ وجوابُنا هو إنجازاتُنا في لبنان والعالم. فمثلاَ ً شركاتٌ كبيرةٌ متعددةُ الجنسيات، مثل فيوليا وأورانج وG4S، خسرتْ عقود عمل كبرى في العالم بسبب قيامها بمشاريع داخل المستوطنات الصهيونية خلافًا للقانون الدوليّ، وبعضها اضطُر إلى وقف عمله في الكيان الصهيونيّ بسبب ضغطِ حركة المقاطعة.
وبسبب حركة المقاطعة أقدم عدد من الفنانين الكبار، من بينهم لورد وإلفيس كوستيلو، وغيل سكوت ،هيرون، وفرقة U2، وسنُوب دوغ، وكات باور، على إلغاء عروضهم في الكيان الصهيوني.
ومن المثقفين والعلماء العالميين من تبنّ خيارِ المقاطعة الثقافيةِ لإسرائيلَ، مثل الراحلِ ستيفان هيسيل، وهو ناجٍ من الهولوكوست وساهم في الإعلان العالميّ لحقوقِ الإنسان ورودجر ووترز، ، وأليس ووكر، وأنجيلا دايفس، والعالم الشهير ستيفن هوكينغ .
وعلى الرغم من عرضِ “إسرائيل”َ رحلات مدفوعة الثمن على الفنانين العالميين لكسر المقاطعة ، فإنّ أحدًا من الفائزين بالأوسكار سنة 2016 لم يوافق على ذلك العرض بسبب السمعة السيئة التي نجحتْ حملة المقاطعة العالمية في إضفائها على “إسرائيل”.
هذا غيضٌ من فيض الإنجازات. فماذا سيفيد، إذن، تهكّمُ أمثال المخرج اللّبناني المطبّع زياد دويري على المقاطعة، وهو الّذي يزعم أنه “رضع حليب فلسطين” مع انه عمل في تل ابيب 11 شهرًا خلافًا للقانون اللبناني وللأحاسيس الشعبية العربية؟ المهم أن حملة المقاطعة في لبنان استطاعت أن تستصدر من جامعة الدول العربية قرارًا بمنع فيلمه المطبِّع “الصدمة” من كافة الدول العربية. ونجحت المقاطعة في فلسطين في منعِ عرض فيلمه الثاني، “الإهانة”، بسبب عدم اعتذاره عن فيلمه الأسبق.
اليومَ قبل الغد،ِ أدعو جميعَ من يؤمنٌ بحقه في أرضه إلى أن يقاوم لاسترداد هذا الحقّ بكل السبل، وضمنها المقاطعة. وأدعوكم جميعاً لمعرفة المزيد عن المقاطعة وتحميل التطبيق الخاصّ بالحملة،وإلىً الانضمام الينا لتكونَ المقاطعةُ أسلوبَ حياةٍ لا مجردَ موقفٍ عابرٍ.
إن المقاومةَ العسكريةَ تقوم بأقصى ما يمكنها في قتال العدو، فلْنقِفْ إلى جانبها مقاومينَ لا متفرّجين؛ مقاومينَ بمقاطعة منتجاتِ الشركاتِ التي
تدعم العدوّ، وبمقاطعةِ حفلاتِ المطربين وأعمال الفنانين الذين يدعمون العدو، وبالتظاهر في الشارع حين يزور لبنانَ أحدُ هؤلاء. وهذه كلها مواقفُ تفرضها علينا أخلاقنا ومبادئنا، ولا ننتظر لأجل القيام بها قرارًاً من أحد!
حملة مقاطعة داعمي اسرائيل في لبنان