هل يدخل لبنان التطبيع من بوابة “Tomorrowland”؟!

0

تقصد كيان العدو، عبر وسائل وأساليب عدة، تطبيع العلاقات مع البلدان العربية؛ فتارةً يتلطّى بشعارات اقتصادية، وأخرى سياسية أو أمنية، وأحياناً حضارية وتراثية وفنية.

مما رشح من هذه المحاولات  مؤخراً، رائحة تطبيع مع لبنان عبر المهرجان الموسيقي “تومورولاند”، الذي سيقام في قضاء جبيل اللبناني، في 29 الجاري، ضمن ثماني دول، منها الإمارات وكيان العدو، تحت شعار “يا شعوب العالم اتحدي في أرض الغد”.

وحول حيثيات المهرجان، تحدث العضوُ المؤسِّس في “حملة مقاطعة داعمي اسرائيل في لبنان”، الدكتور سماح إدريس لـ”وكالة القدس للأنباء”، فأشار إلى أنه “ستكون هناك شاشات عملاقة في مهرجان جبيل، تبثّ مباشرةً ما يحصل في سبعة من البلدان الثمانية المشاركة. فلكون متعهِّد الحفل لبنانياً، فقد تأكد من أنّ هناك رائحة تطبيع من ورائه لأنه يجمع الدول الثماني ومن بينها إسرائيل، فوضع في العقد بنداً ملزِماً، كما يقول، فحواه أنه لن تكون هناك شاشةٌ عملاقة في لبنان تبثّ ما يحصل في إسرائيل، ولن تكون هناك أيضاً شاشةٌ في إسرائيل تنقل ما يحصل في لبنان”.

وأضاف: “لقد تم دفع أموال طائلة تقدَّر بـ 138 ألف دولار، على ما يقول المتعهد اللبناني، لكي يتيقن من أنه لن يكون هناك بث حيّ بين لبنان وإسرائيل في المهرجان.”

لكنّ إدريس يرى أنّ ثمة تحايلاً على القانون اللبناني في هذه النقطة، وهو قانون ينصّ على عدم إجراء ايّ تعامل مع “إسرائيل”. ذلك أن المتعهد اللبناني، في الأصل، “قبل بالمشاركة بمشروع وحدة إسرائيل ولبنان مع شعوب أخرى. هذا اولاً. ثم إنّ حجب البث بين لبنان والكيان الصهيوني يقتصر على هذين الجانبين فقط؛ وهذا سيعطي انطباعاً لدى الدول الست الأخرى بأن لبنان موافق علىالاتحاد مع إسرائيل في هذا المشروع”.

ووصف إدريس هذا مشروع بـ”التطبيعي”، لأنه “يحاول أن يطبِّع في الذهن وجودَ إسرائيل في أرض  الغد، ونحن لا نقبل إسرائيل لا في أرض  اليوم ولا في أرض الغد”.

وأوضح قائلاً: “مثل هذا المشروع يُدْخل إلى عقول الناس فكرة أنّ إسرائيل مقبولة ولو فنياً، أو ولو في الحلم؛ في حين أنّقبول إسرائيل في الحلم أسوأ من قبولها في الواقع كما نرى.”

وقال: “الترويج لمشروع فني لإسرائيل في أرض الغد وقاحة”.

ويأسف إدريس لكون مكتب  مقاطعة “إسرائيل” في لبنان، وهو تابعٌ لوزارة الاقتصاد، درس الموضوع بطريقة “غير سليمة” بحسب وصفه، موضحاً أنّ المكتب “نظر فقط إلى مصدر شركة tomorrowland وتبيّن له أنها شركة بلجيكية، ولم يجدها على لائحة المقاطعة؛في حين أننا، كحملة مقاطعة،لم نقاطع شركة تمورولاند في ذاتها، بل نقاطع نسخة تومورولاند هذه السنة في جبيللكونها أشركتْ إسرائيل والإمارات إلى جانب لبنان في المهرجان”. وتابع أنّ مكتب المقاطعة رأى انه “لا يجوز ان نقاطع مهرجاناً عالمياً، وإلّا وجب أن نقاطع مسابقة ملكة جمال العالم حيث يلتقي لبنان مع إسرائيل، وكذلك الأمر في الأمم المتحدة حيث يوجد ممثل عن لبنان وممثل عن إسرائيل”.ورأى إدريس أن “هذا منطق متهافت” لأنّ مثل هذه الأنشطة الأخيرة لا تقام تحت شعار سياسي، مثل “يا شعوب الأرض إتحدي”، ولا نستطيع القول “إن وجود لبنان وإسرائيل في الأمم المتحدة يعني تطبيعاً، لأن الأمم المتحدة تضم دولاً قد تكون في حالة حرب وعداء، والمفروض أن الأمم المتحدة مكان لحل النزاعات السياسية وللتعبير عن مواقف الدول السياسية”.

وتابع قائلاً: “قمنا بكل الخطوات اللازمة. كتبنا المقالات، وبثثنا الوعي، وعملنا تصفيقتين رعديتين (Thunder claps) عبر مواقع التواصل الإجتماعي؛التصفيقة الأولى حصلتْ على مليون متابعة، والثانية فاقت المليوني متابعة.جزء مقبول من الناس علم بتحركنا إذن، وأخبرنا رئيسَ الجمهورية عبر كتاب، وكذلك مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وحصلنا على تعاطف من بعض الوزراء، وطلبنا منهم بحثَ الموضوع خارج جدول أعمال مجلس الوزراء. ونشرنا بياناً شارك فيه أكثر من عشرة أطراف بين أحزاب ومنظمات شبابية؛ بالإضافة إلى البوسترات والهشتاغات على مواقع التواصل الإجتماعي”.

وأضاف:”نحن لسنا بديلاً من الدولة، وعملُنا يقتصر على  تقديم معلومات وحشد الرأي العام، ولا نستطيع فرض قرارات بالمنع.نحن لسنا ميليشيا حتى نمنع الموضوع بالقوة. القرار، في النهاية، للشعب بالمقاطعة،أو للدولة بالمنع”.

وعن مسار التطبيع عربياً مع كيان العدو، أكد إدريس أن “قطار التطبيع يسير على قدم وساق في الدول العربية: من نجاح الكوميدي الصهيوني بوجناح في تقديم عمله في تونس برعاية وزارة الثقافة، إلى زيارات أنور عشقي ذهاباً وإياباً بين السعودية وتل أبيب، فإلى نشاط تومورو لاند، فضلاً عن قدوم عدد من الفرق الى لبنان مع انها سبق أن عزفت في الكيان الغاصب، مثل فرقة تريو فانديرير (Trio Wanderer) التي يُفترض أن تعزف الأحد القادم في مهرجانات بعلبك مع أنها عزفت مرتين في إيلات، بل أهدت معزوفة كلاسيكية لتكون بمثابة رسالة حب لإسرائيل!”.

ويحذّر  إدريس قائلاً: “هذا كله لم يأت من عبث؛ فهناك مخطط واضح، ثقافي وسياسي وفني، لإنهاء القضية الفلسطينية من خلال التطبيع. والتطبيع محاولة لإنجاز مشروعٍ أخفق العدو  في تحقيقه عن طريق العسكر والأمن، ويحاول تنفيذه من خلال الفن والثقافة”.

وختم إدريس كلامه لافتاً إلى أنه “يوجد تنسيق بين  المجموعات العربية المناهضة للتطبيع، ولكنها في معظمها تعمل بشكل مستقل عن الأحزاب، لأن الأحزاب والحركات السياسية ضعيفة الفعالية في مجال مقاومة التطبيع بشكل خاص، إذ تقتصر مهامها على التحذير من خطورة التطبيع ولا تفعل الكثير على أرض الواقع”.

وكالة القدس للأنباء– 27/07/2017

آخر الأخبار