إن للإعلام شأنا خطيرا في تكوين الوعي لدى الجمهور، فهو قادرٌ على كسر الحاجز النّفسي بين المتلقّي والعدوّ ما يمهّد للتّطبيع المباشر معه. نرى اليوم تسابقًا بين القنوات التلفزيونيّة على استضافة “إسرائيليين” بحجّة عرض الرّأي “والرّأي الآخر”، وهذا “الرّأي الآخر” ما هو إلّا حجّة العدوّ لتبرير جرائمه.
مع اشتداد المعركة على الأراضي الفلسطينيّة، يغدو فعل فتح الهواء للعدوّ أكثر خطورة، إذ أن هذه القنوات تسمح له بتبرير نفسه وأفعاله وجرائمه، في حين أن حملات عزله عن العالم ووصف العدّو-أي “إسرائيل”- بأنّها مجرمة حرب تتصاعد. العالم يتقدّم باتجاهنا، وفريقٌ منّا يتراجع باتّجاه العدوّ!
فكم كان الشهيد غسان كنفاني متبصّرا في قوله:
“إنّ الجلوس مع العدوّ، حتى في أستوديو تلفزيونيّ، هو خطأٌ أساسيٌّ في المعركة. وكذلك فإنّه من الخطأ اعتبارُ هذه المسألة مسألةً شكليّة”.
المسألة ليست شكليّة إذًا، حتّى في استديوهات القنوات التي تتواجد تحت سلطة الأنظمة المطبّعة، أو القنوات التي تدعّي الاتصال بالعدوّ على قاعدة “اعرف عدوّك” جميعهم مساهمون في تبرير صورة العدوّ على حساب دماء أهلنا وأبطالنا في غزّة.
تحذّر حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان جميع القنوات اللّبنانيّة والعربيّة من أي عمليّة اتصال بينها وبين العدوّ، وتؤكّد أن الحوار الشّرعيّ الوحيد بيننا وبين العدوّ هو الصّاروخ.